أجمع اللبنانيون على إدانه "المجزرة" التي يعيشها قطاع عزة وسط تخوف عدد كبير من الاطراف من اي محاولة لاشعال الجبهة اللبنانية، خصوصاً بعد اكتشاف صواريخ في الجنوب معدة للاطلاق على اسرائيل يوم الجمعة الماضي، ووسط دعوات الى عدم ادخال لبنان في المجهول وتفرد بعض الاطراف بالقرارات وردات الفعل بعيداً عن السلطة الرسمية اللبنانية. وفي مقدمة هذه الدعوات، اعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان امس من مقر القوة الدولية "اليونيفيل" في الناقورة انه "على اي كان احترام لبنان وسيادته وألا يجعل بالتالي الجنوب منصة لاطلاق الصواريخ وخصوصا بعد انتشار الجيش فيه ورفع العلم اللبناني بعد 30 عاما من الغياب ومساعدته القوة الدولية على تطبيق القرار 1701 ولو انه يتم خرقه من جانب اسرائيل". وهذا التخوف تزامن مع تحذير رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت من فتح "جبهات اخرى" على اسرائيل في الوقت الذي تمضي في حربها على غزة.
أكثر من مئة طن من القنابل التي القتها الطائرات الاسرائيلية امس كان كفيلاً بتحويل غزة الى بركة دم حيث سقط اكثر من 230 قتيلاً و700 جريح في يوم دموي تاريخي من سجلّ الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي. ولم تحدد اسرائيل سقفاً زمنياً لغاراتها الجوية حيث شنت اكثر من غارة جديدة صباح اليوم الاحد احداها على جنوب قطاع غزة استهدفت شاحنة صهريج تسير قرب رفح على الحدود مع مصر، وقد اشتعلت فيها النيران وتسببت بحرائق في عدد من المنازل المجاورة. وفي مقابل هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى والحجم الضخم للدمار في القطاع، استمرت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في التصدي على طريقتها للغارات الاسرائيلية، فأطلق جناحها العسكري عشرات الصواريخ على جنوب اسرائيل مما ادى الى مقتل امرأة اسرائيلية، في حين أكد رئيس الوزراء الفلسطيني المقال اسماعيل هنية ان غزة لن تستسلم حتى "ولو ابادوها". ودعا رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل من دمشق الفلسطينيين الى انتفاضة ثالثة ضد اسرائيل في وقت نظمت تظاهرات في القدس الشرقية ومدن الضفة الغربية.
وعلى خط مواز لرد "حماس" كانت السلطة الفلسطينية تطلق صرخات الاستغاثة عالياً وتطلق العنان لدبلوماسيتها لحض المجتمع الدولي والعربي على وقف هذه الابادة التي تعيشها غزة. فالتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي زار الرياض العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس الاميركي جورج بوش. وانتقل الى عمان حيث بحث التطورات الدموية في غزة مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني. كما اتصل عباس بالرئيس السوري بشار الاسد، على أن يتوجه اليوم الى مصر. أما على صعيد جامعة الدول العربية، فقالت مصادر ديبلوماسية عربية مسؤولة شاركت في اجتماع المندوبين الدائمين للدول العربية لدى جامعة الدول العربية في القاهرة امس انه "تم الاتفاق على عقد قمة عربية طارئة في الدوحة الجمعة للبحث في الاعتداءات الاسرائيلية على قطاع غزة". وأضافت ان اجتماعا طارئا لوزراء الخارجية العرب سيعقد في القاهرة الاربعاء للبحث في الهجمات الاسرائيلية على غزة. واكد الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان اجتماع وزراء الخارجية سيعقد الاربعاء المقبل في القاهرة بعدما كان مقرراً اليوم وذلك بسبب انشغالات الكثير من الوزراء العرب في اليومين المقبلين. وفي ما يتعلق بالقمة، أوضح ان "الموعد المقترح لها هو نهاية الاسبوع". واضاف: "ان قطر وسوريا تقدمتا بطلب لعقد قمة عربية غير عادية، وسننتظر وصول ردود الدول رسمياً عليها لتحديد النصاب القانوني لانعقاد القمة، وفور وصول الردود سنعمل لعقد القمة".
أما الموقف الدولي فقد تمثل في موقف اميركي يلقي اللوم على "حماس" في تفجر الاوضاع، بينما دعا الاتحاد الاوروبي الى وقف العنف في القطاع. وفي نيويورك، أجرت المجموعة العربية في الأمم المتحدة مشاورات عاجلة في شأن الأوضاع المتدهورة في غزة، واجتمعت على أثرها مع رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الكرواتي الدائم لدى المنظمة نيفين يوريكا وسلمته طلباً لعقد اجتماع طارىء وفوري لمجلس الأمن. وأبلغ المندوب الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة السفير يحيى محمصاني الى "النهار" أن المجموعة العربية "طلبت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في الوضع الخطير في غزة. وتوقع أن يعقد مجلس الأمن جلسة في غضون ساعات قليلة لمناقشة الوضع في غزة. ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى وقف فوري للعنف في جنوب اسرائيل وقطاع غزة. وقال بان انه يتصل بزعماء اقليميين ودوليين بمن فيهم اعضاء اللجنة الرباعية الدولية للوساطة في الشرق الاوسط في محاولة للتوصل الى وقف سريع للعنف.
وفي غمرة التنديد العربي والدولي بعدوان غزة، كانت إطلالة إعلامية طويلة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تطرق فيها الى المجزرة في القطاع وما سبقها وما تلاها من مواقف،وهو أكد أن هناك بعض الأنظمة العربية من هو شريك ومتواطئ في هذه الجريمة داعياً "الشعوب الى الخروج الى الشارع في كل العالمين العربي والاسلامي والضغط على حكوماتها ولو اطلق على صدورنا الرصاص". وانتقد الأمم المتحدة والتضامن العربي حيال عدوان غزة، مؤكداً "ان الذي يحمي شعوبنا ويستعيد حقوقنا هو المقاومة وكل الخيارات الاخرى هي وهمٌ وسراب